Admin Admin
عدد المساهمات : 75 تاريخ التسجيل : 28/08/2009
| موضوع: اسعد خلق الله الإثنين أغسطس 31, 2009 9:59 am | |
|
أســـعد خـــلق الله ..حقـــاً !!
هكذا, وبالاعتماد على مؤشرات ما, انتقائية ومحددة, أظهر استطلاع أجرته مؤسسة اقتصادية بريطانية شهيرة ,
أن فقراء العالم القابعين في عالمه الثالث .. رغم الفقر والجوع والمرض, ورغم القلق والخوف وانعدام الاستقرار, كذابون ومدعون, وأنهم في نعمة كبيرة يحسدون عليها , لكنهم لا يعلمون, بل لا يتوقفون عن النق والتأفف, وأنهم أسعد «خلق الله « على وجه هذه الفانية , فيما تعاني شعوب العوالم الأولى المتحضرة وفقراؤها التعاسة وقصر العمر والتلوث وعدم الرضا والموت المبكر!! فعلى مقاييس التقشف وصداقة البيئة ومعدلات استهلاك الموارد الطبيعية, أظهر الاستطلاع البريطاني أننا في العالم الثالث نقتات القليل ولا نهدر ولا نلوث البيئة حولنا ولا نطلق الكثير من ثاني أكسيد الكربون, ومواردنا الطبيعية زاخرة , ولذلك أعمارنا أطول ونحن أكثر سعادة من غيرنا بين شعوب الأرض .. وتصوروا أن 114 شعباً في العالم, معظمهم من العالم الثالث, سبق الشعب الأميركي نحو السعادة والرفاه وفق الاستطلاع, وأن كثيرا من دول أميركا اللاتينية جاءت في مقدمة الدول والمجتمعات السعيدة ... بالطبع , بعد استبعاد فنزويلا شافيز, إذ لا يصح أن يكون الفنزويليون سعداء ومعهم هوغو شافيز؟ رغم ذلك الاستطلاع الادعاء , ورغم انتقائية أسباب السعادة التي بني عليها التقرير, ورغم كل تلك الفبركة والتحريف والعمى في بناء النتائج وفي طريقة استخلاصها والوصول إليها , إلا أنني كنت سأجدها معقولة وعلمية بطريقة ما , وكنت سأصدق أنني أنتمي إلى أسعد شعوب الأرض وفقرائها .. لولا حفنة صغيرة من المشكلات والمعاناة, التافهة, التي «تطعج» مزاجنا وتؤرقنا ليل نهار وتخرب علينا سعادتنا وهناءنا , والسبب ليست هي بحد ذاتها , بل حساسيتنا المرهفة والمرضية تجاهها : أولها , أننا شعوب تعمل ليل نهار لتشبع الخبز والكثيرون منا يعملون أكثر من عمل ويحملون أكثر من بطيخة في اليد الواحدة , وقد يجد بعضنا نفسه فاسدا فجأة لأنه مد يده إلى الرغيف أو سرقه على طريقة جان فالجان في «البؤساء» لتلاحقه لعنة الرغيف إلى القبر ! وثانيها, أننا شعوب إما أرضها محتلة تناضل وتموت من أجل تحريرها, وإما ثرواتها مسروقة, وإما أجيالها ومستقبلها مهددة بمرض أو وباء أو جوع أو احتلال, تهجس بتوفير الطحين والأمصال واللقاحات كما بتوفير سلاح المقاومة والدفاع عن النفس ! وثالثها , أننا شعوب يتربص بها لصوص القطاعين العام والخاص الذين يسرقون الكحل من العين، فلا ترف لهم عين ولا تجزع لهم قلوب, وتجار ووكلاء حصريون وعامون , وصناعيون بالامتياز أو بالاحتكار أو بالإغراق , وموظفو الدرجات الدنيا من الموقعين والختامين وغيرهم! لولا هذه الحفنة وحفنات صغيرة مثلها لكنا حقاً أسعد شعوب الأرض ؟؟
| |
|