هذا الكتاب كشف جديد مذهل لعالم خفي مجهول، وكنز من المعلومات التي تقف أمامها عزيزي القارئ في دهشة تامة،
وهو ليس الكتاب الأول، ولن يكون الأخير، في عالم الجن، فقد سبقه كتب كثيرة لعلماء وفقهاء كبار عن الجن
ومشاركتهم الإنسان في كل حركاته وعلومه وأفعاله، حتى أنه أي الجني – كما يعتقدون - يشارك الإنسان في زوجته.
وهذا الكتاب وصف لحياة الجن ومجتمعهم وقوانينهم ودولهم وملوكهم وأشكالهم وأعمالهم وعلومهم والعلاقة فيما بينهم،
وفيما بينهم وبين البشر، وهو في كل هذا يعتمد بشكلي كلي على أحاديث الرسول صلى الله عليه و سلم
حتى ليظن القارئ – وبعض الظن إثم – أن المؤلف استحضر هذا الجني المسلم بهدف إثبات صدق أقوال الرسول (صلى الله عليه و سلم)
التي لا يمكن لأحد أن يخامره الشك فيها. ونظرا لحجم وأهمية المعلومات التي يحتويها هذا الكتاب،
فقد رأيت أنه من المفيد، بل من الضروري أن يطلع عليها الناس أو بعضهم على الأقل،
علّها تساعدهم في معرفة الحقيقة وإعادة تجميع الصورة.
1- مقدمة الكتاب:
ولما كان الجن خلقا يساكننا هذا الكوكب، أو بتعبير أدق نحن ساكناه الأرض، فهو أسبق منا وجودا،
ولتكليف الله إياه بالعبادة والفرائض التي شرعها، اختصر لنا (الوحي) كل الطرق لمعرفة هذا العالم،
وبينت لنا (السنة النبوية) ما خفي عنا- بجلاء- مما هو متعلق بهذا العالم، حتى لا نضل سواء السبيل.
وحين كنت مديرا لمسجد الملك بحدائق القبة حيث إمام المسجد وعالمه فضيلة الشيخ (عبد الحميد كشك) حفظه الله،
وهو أحد أساتذتي الأجلاء، وقد دخلت علينا فتاتان تستفتيان في تلبس (جنية) بإنسية، والاثنتان مسلمتان،
أعني الجنية والإنسية، وقد تم التلبس أمام عيني- وليستيقن الذين آمنوا- وحادثتُ الجنية في أمور عديدة،
وهي تركية الأصل وتحسن العربية واسمها (جورحينا عبد الرحمن)، وبعدها بفترة زارتنا فتاة ملبوسة بجنية كافرة بل ملحدة.
إثر ذلك زادت خبرتي بهذا العالم العجيب،
فاستخرت الله عز وجل لتأليف هذا الكتاب عن عالم الجن الذي شاء الله عز وجل أن يتم بيني وبين جني مسلم
– بل كان كافرا ثم أعزه الله بالإسلام- عدة لقاءات متتالية مطولة،
وأستميح القارئ العزيز عذرا إن ضننت عليه بسر كيفية اللقاء حتى لا أسيء لمن أحببت،
ولأن من خلق المسلم صيانة السر واعتباره أمانة.
2- ضيف الكتاب:
جني مسلم أصله من الهند، من بومباي، كان مسيحيا كافرا، ثم أعزه الله عز وجل بالإسلام وهداه إلى الإيمان،
وهذا الجني المسلم يبلغ من العمر (180) عاما، وإسلام هذا الجني كان فتحا، فقد أسلم معه كثيرون لإسلامه،
منهم عشرة آلاف جني هم حرسه الخاص وحاشيته ،
فهو أمير كبير ذو صيت ومهاب، نسأل الله عز وجل أن يهدي به آخرين، وأن يثبته على الإيمان والإسلام.
- عالم الجن:
بعد أن يشرح المؤلف المعاني المختلفة لكلمة جن واشتقاقاتها واستعمالاتها في اللغة العربية،
يسأل صديقه الجني المسلم عن أقدم لغات العالم، فيخبره أن اللغة العربية هي أقدم لغات العالم، وهي أم اللغات وأولها ،
ومنها تفرعت كل اللغات الأخرى. ثم يؤكد المؤلف على وجود الجن المسلم والجن الكافر مستندا على قوله تعالى في (سورة الجن – الآيات 13-15) ،
وبعد أن يحدد المادة التي خُلق منها الجن،
وهي النار، يجيب على استغراب وشكوك قصار الفهم الذين استشكل عليهم أن يكون الجن من النار ويعذبون بالنار،
فيعتبر أن ذلك قضية إيمانية بالدرجة الأولى إذ أن الله قادر على كل شيء.
ثم يرد على الذين يقولون: إن الجن إذا أسلم وآمن وحسن عمله لا ينتفع بنعيم الجنة وملذاتها،
ولا ثواب له يوم القيامة سوى النجاة من النار، داحضا هذه الأقوال، ومؤكدا على ثواب الجن ومكافئتهم،
مستشهدا بقوله جل جلاله في حور عين الجنة بالآية (56) من سورة الرحمن: (فيهن قاصرات الطرف لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان)،
ويستدل على رأيه كذلك بالآيات (130-132) من سورة الأنعام، ثم يستعين بتفسير القرطبي ليؤكد أن الجن تغشى في الجنة كالإنس. (تغشى أي تضاجع – الكاتب)